Saturday, April 25, 2015

كل عام وانت بخير يا حبيبتي


أيقظني الحنين الجارف إليك . حبست دموعي في مقلتي منذ مدة لكنها أبت اليوم أن تكون سجينة لعقلي الذي يخاف على شعور وتأثر عائلتي حين تراها حرة طليقة ولكن اليوم تمردت رأفة بي فالدموع تغسل  بعضا من حزن قلبي وتنطق بما لا ينطقه لساني فأيقظتني
كل عام وأنت بخير حبيبتي. ها أنا استيقظ من النوم مسرعة إلى صديقي القلم لأدون ما أسترجعه في أروقة ذاكرتي من أعياد ميلادك الثمانية عشر ويوم مولدك الذي كان من أجمل أيام حياتي فقد أسعدت مرتين من قبل وذلك عندما أنجبت أخويك ففرحة الأمومة لا توصف وبالنسبة لي أمومتي هي أهم إنجازاتي وقمة سعادتي خلال مشواري بالحياة
يقولون يا ابنتي إن الزمن كفيل بالنسيان وإن النسيان نعمة والحزن مهما كبر يخف مع الأيام. لا أتفق تماما بما يزعمون فربما ننسى من أخطأ بحقنا ونسامح أو ننسى ما حدث من أمور ولكن لا نستطيع أن ننسى فلذات أكبادنا التي فارقتنا ولا حزننا على فراقهم وشوقنا إليهم. فالأم التي حملت وربت وفرحت بكل ابتسامة على ثغر أبنائها وبكت لكل دمعة ذرفتها عيونهم وتألمت لآلامهم وافتخرت بكل انجازاتهم وشاركتهم كل مرحلة من مراحل حياتهم لا تنسى طالما هي على قيد الحياة. وبالنسبة لي أولادي هم أكسوجين حياتي ورغم أن ملاك الموت سرقك مني يا ابنتي الحبيبة سمر فهو سرق جسدك ولكن في كل لحظة روحك تحيا معي بقلبي وفكري وذكراك تنعش قلبي وصورتك تكحل عيني وسأمنحك حبي كأخوتك حتى أخر رمق في حياتي
لقد أيقظني الحنين إليك يا غاليتي باكرا قبل ميلادك بساعة و نصف لكي أسترجع في هذا اليوم السعيد يوم ميلادك وأعيادك السابقة. هرعتِ إلى الحياة قبل موعدك ورحلت قبل موعدك. استيقظت من النوم في ذلك اليوم السعيد حوالي الخامسة صباحا حين شعرت بآلام المخاض وذهبت ووالدك للمستشفى تاركة إخوتك نائمين في البيت مع والدتي الحبيبة التي أتت إلى البحرين ظهر اليوم السابق. أتذكر إنها فتحت باب غرفتها وسألتني بتعجب مغلف بالفرح إن كنت أشعر بأنني على وشك الولادة حيث أن موعد الولادة المحدد كان بعد أسبوع على الأقل. لم تنتظري موعدك يا ابنتي، أردت أن تتمتعين بالحياة وتمتعيني وكأنك تعلمين يا غاليتي بأن حياتك ستكون قصيرة. وما أن وصلنا الى المستشفى حتى ازداد الألم وقلت لهم بأنني أشعر بأن الولادة وشيكة. لم يصدقوني! لم تنتظري حتى يأخذوني إلى غرفة الولادة وسمعت صراخك معلنة قدومك في الساعة السابعة والنصف صباحا. سألوني حينها عن جنس أولادي فقلت ذكرا وأنثى ثم أخبروني بأنني أنجبت أنثى ففرحت لأنني أنجبت أختا لابنتي وأختا ثانية لابني فالأخوات لهن دور خاص في مجتمعنا. قلت لنفسي بأنني ربما سأنجب ولدا بالمرة القادمة ولكن لم يتحقق ذلك. أحضروك إلي وكنت صغيرة وجميلة وضممتك إلى صدري والسعادة تغمرني. أذكر كلام والدتي عندما أتت لتزورني في المستشفى حيث قالت " سمر تحبك وتحبني فهي لم تغلبك في الولادة ولم تدعني أنتظر فقد ولدت في أقل من اربع وعشرين ساعة من وصولي". كنا اخترنا اسمك مسبقا لانه جميل وينتهي بنفس قافية أسماء أخويك. سبحان الله، لم نتفق على اسم لولد لاننا كنا نريد الالتزام بالقافية ولم نجد الاسم الملائم ولكننا طرحنا بعض اسماء اعجبتنا. اما بالنسبة للبنت فالاسم كان جاهزا وهذا دلالة بانك كنت معجبة به ولا تريدين ان تتعبينا.
نعم يا ابنتي ها أنا اتجول في أزقة الذاكرة وأتذكر عيد ميلادك الاول وكان أخويك فرحين ينظرون الى كعكة ميلادك التي حرصت أن اعملها بنفسي ملتفين حول الطاولة. وتتالت الاعياد والاحتفالات يا حبيبتي عبر سنواتك التي عشتيها على هذه الارض
كما أعرج بالذاكرة إلى حين ذهبت مع والدك إلى بريطانيا لأقدم امتحاني الشفهي للدكتوراه حيث كنت في أواخر الشهر الثامن من الحمل أحملك معي يا حبيبتي. كنت أخشى ان  ألد في بريطانيا وكان ذلك هاجسي الأكبر من الامتحان ذاته لأنني أردت أن أتمكن من العودة لأخويك فقد تركتهم عند أهلي ولأعود بهم الى البحرين وألدك في بلدك. وأذكر وأنا اسير في شوارع الذاكرة كم كنت تفرحين بعيد ميلادك وتضعين قائمة الهدايا المقترحة وتعتلي ابتسامتك الجميلة وجهك طوال يوم عيد ميلادك. واليوم يا أعز الناس، ما كتبتِ على هذه القائمة للاحتفاء بعيد ميلادك إلى جانب قراءة القرآن الكريم والتبرع بصدقة وتزيين المنزل بالورود وزيارتك في المقبرة؟ أشعر بأن رسالتي كانت على القائمة الهدايا ولذلك استيقظت مبكرة لأهديك إياها
حبيبتي سمر اننا اليوم نحتفل بعيد ميلادك وذكرياتك تعطر منزلنا وتدفيء قلوبنا وهذا العام عيدك  يختلف عن غيره  لان زوجة  أخيك تشاركنا الاحتفاء بك والتي بانضمامها لعائلتنا أفرحت  قلب أخيك وقلوبنا


رنده حماده

٢٠١٥/٤/٤

No comments: